الأحد، 4 مايو 2014

هذيان فتاة في مقديشو


في مقديشو1
كثيرا ما يوبخك الناس حين خطئك، ويضربك القوي حين خطئك، ويعتقلك الجندي حين خطئك، ويسجنك السجان حين خطئك، ويوبخك أبوك حين خطئك، وتتركك شريكتك حين خطئك، وينفيك المجتمع حين خطئك، وتطرد من العمل حين خطئك، وقلما يشكرك أحد حينما تصيب أو تفعل صالحا!

في مقديشو2
لم يعجبني منظره على الإطلاق وكذلك حال جميع من في الباص، يحمل بندقية كما يحمل سكينا وكان واضحا أنه لم يكن بوعيه، فجأة أخرج من جيبه متفجرات يلعب بها بكلتا يديه، هاهو الموت إذن، لكن لم يعد الإقتراب من الموت تثير في نفسي مشاعر مربكة، الرغبة الحاسمة بالإنتهاء من هذه المرحلة المشؤومة لبدء مرحلة جديدة مليئة بالمفاجآت السعيدة تصبح سيدة الموقف، وأن تكون في صحبة الموت تتجرع هلوسات الإقتراب من خط وهمي يفصلك عما سيكون ليس حدثا عاديا، ففي كل مرة يكون له وقع خاص ويترك إنتهاءه ندبة واضحة في الروح.
في مقديشو3
لا يهمني طالما الشمس مشرقة، لا يهمني مادمت أستيقظ بكل فجر في تسابيح وتهاليل المصلين، أصحو مع الشمس في صباحاتي وأذهب إلي دراستي في ذلك الطريق الطويل المتعب كل يوم، لكن يبدو أن التعب لن يفارقني ويبدو دماره وتهالكه يكون سببا في تأخيري وأكثر تعقيدا من إبتسامتي التي ترسم علي وجهي المتعب كلما رأيت المحاضر ورفقائي يحدقون بالنظر إلي، هكذا إذن أعتزم إحتراف هندسة الطرقات كلما تأخرت عن الحصة كي أبني من جديد… أواصل المسير.
في مقديشو4
بداية جديدة ومنزل جديد في بلدي الذي أصبح جديدا وجميلا حيث الشمس مشرقة دائما، يا إلهي ماذا فعلنا لنستحق فرصة ثانية؟ كان ذلك شيئا عظيما فيما يري النائم من الأحلام ليس إلا.
في مقديشو5
لو لم تكن هكذا الأشياء لأن الحلم الذي تجرأت أن أحلمه ذبح بقساوة منذ ولادتي في ذات صباح أو ذات مساء لا أدري؟ لكني متأكدة من شيء واحد أن هناك الكثيرين مثلي
في مقديشو6
صباحي هذا ككل صباح لا يفرق معي أي شيء، أذهب إلى دراستي كالعادة، أنظر حوالي كما أنظر أناس المزدحمة بالشارع، وبالفعل الحياة تشبه تلك التي تبدو لنا أو ما تراه في نفوس أهل هذه المدينة والتي تكون جميلة على نحو ما، لأنها تحلق حاملة مشكاتها بغير توقف أعلى وأسفل الدهاليز المعتمة
في مقديشو7
هنا من يفعل كل قبيح لأجل أهدافه، يقتل هذا، ويسب هذا، ويضرب هذا، ويأكل مال هذا، أو ربما يذبح هذا، تراه غير آبه لما يحصل على أي حال، يتركنا نظن ما نشاء طالما الأمر مناسب لغاياته، ويدوس بقسوة على مشاعرنا طالما هو يحصل على ما يريد.
في مقديشو8
في حينا سكون الليل يلف أرجاءه يكتم أنفاس الضجيج المستمر، لم ينتصف الليل هنا بعد، نظرت إلى النافدة بصمت مهيب تسربت إلي سمعي أصوات الأصدقاء وأطراف أحاديثهم وإلى قلبي تلك الأغنية التي خفت صوتها في ذاكرتي:
 Soomaaliya dhankeedii dhawaq farax leh mooyee, dhiillo kama sugaayee.
للفنان حسن آدم سمتر وألفها الشاعر محمد علي كارية بمناسبة حبه للفنانة شنكرون أحمد، لم أنتبه إلا وأنا أغني شيئا بقي في أذني
: “Duhurkiyo habeenkii Alla og sidaan ahay waxaa la i dulkeenaa dagmadaad ku nooshahay”
لا زالت في القلب بقية، بقية عظيمة وربي!.
في مقديشو9
 يموتون في سبيل شيء أحترمه، يموتون لأنهم طلاب ويموتون لأنهم صحفيين ويموتون لأنهم علمائنا ويقتلون لأنهم نخبة المجتمع، .لنحييهم في قلوبنا ولنزرعهم في رحم هذا التراب المليئ بالنزيف، فدائما يوجد لهم متسعا لقلوبنا ولتلك الأرض
في مقديشو10

على بعضنا أن يستيقظ مبكرا في صباحات مقديشو وينتظرهم طريق طويل للذهاب إلى دراستهم. أستعد لأكل وجبتي الخفيفة، بيضة مسلوقة أعلق بصوت عالالبيض أرخص!”. أذهب إلى الجامعة وبقايا النوم عالقة على جفوني، أركب الباص وأجلس جوار النافدة.. أفكر تارة فيما أراه من عيون أهل مقديشو وما أكتسبوه وتعلموه بالفعل من هذه المدينة..وتارة أخرى أفكر في الله وأدعوه بشدة.. أسمع ضجيج ماتور الباص وضجيج الناس في الشارع هنا وهناك، إلا أنني أكره الهدوء في رأسي ولا أطيق البقاء فيه يوم الجمعة، فبالفعل تضيع جنتي الماتورية والضجيج.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق