السبت، 14 يونيو 2014

موت قلب!!




ذلك الصباح كنت أنظر إليها وهي وافقة في زاوية من فناء المدرسة تلتفت يمينا ويسارا كأنها تبحث عن أحدهم من بين هؤلاء الطلاب  أحداً تفتقده بشدة وكأنه كان هنا كل يوم.

 هذه المرأة كانت إحدى عاملات النطافة في المدرسة وككل الصباحات تعودت أن أتابع الأمل الذي بعيونها وبسمتها التي تقهر الهموم.

ما من قصة حزينة إلا وتبدأ بموقف مؤلم يقودك إلى موت قلبك أحياناً وحينها لن تمتلك أي مفتاح للوصول إلى السعادة ولن تمتلك القدرة لتجعل هذا الموقف من الماضي.

ذات يوم إلتقينا بالمصادفة وسألتها مالذي حدث وسبب لها أن تقف دائما هذه الزاوية وتنظر إلى الطلاب هكذا..
ما كان لها من رغبة أن تروي قصتها لكني أقنعتها بأني أريد أن أقاسمها الألم وراحت تروي القصة منذ البداية.

إنه الوطن، كان يؤلمها الوطن بعد أن فقدت فيه إبنها، الآن هي تروي بنبرة عادية..
قصة حدثت لها قبل شهرين لشاب جميل كما أولئك الذين يشتهيهم الموت... كان إبنها الوحيد.

عندما عاد ذلك المساء من المدرسة سعدت أنا وكان هو أيضا سعيد، لأنه بعد أشهر قليلة سيتخرج من المدرسة وسيدخل الجامعة وسيتخصص في المجال الذي يحبه.. كان كائنا من المشاريع الجميلة وما كان يدري أن القدر يخفي عنه عصاه  وأنه بعد ساعات...

صمتت فجأة فهي لم تدر أية كلمة تختار لتصف حدث موته.. قتل، موت عبثي، ضحية، تابعت حديثها قائلة
بدأ في حينا قصف عشوائي عنيف والكل ذهب خارجا إلا أنا، كنت أصلي العصر  ولم تمر دقائق حتي تفاجأنا بغبار وصوت قوي أمام البيت، هرعتُ لأنظر مالذي حدث ثم ذات صدمة رأيت إبني واقعا أرضا يسبح في دمه.

منذ أن إغتالوا شهيته  للحياة وأعدمو مشاريعه وبهجة حواسه، كل كلمات الموت مجتمعة لا تكفي لوصف عبثية رحيله الأبدي.

أخيراً قالت بصوت قويّ:
ها قد أشبعتك... فلتبكي إذاً!
إنتهي الكلام لا الرواية فلقد إحتفطت لنفسها بالتفاصيل، وأنا حزنت بشدة ولم أبك حينها!

تلك الأم كلما وقفت هناك كان لها متسع من الوقت لتستعيد تفاصيل إبنها كاملة.

وفي صباح سيء أخبروني بموتها لكأنها أدركت أنها لن تراه أبداً في هؤلاء الطلاب وأن قدرها أن لا تكون يوما سعيدة.
فاجعني الخبر ونزلت دموعي تلك التي إحتفظت بها عندما طلبت مني البكاء.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق