الأحد، 4 مايو 2014

صديقي المجاهد 3


أخذ مزاج السماء يتبدل منذ الصباح الباكر، كان مغيما وباردا إنما لم تكن في البال أن هناك انفجارات قد تحدث ولكنها حدثت فعلا.. هاهم يموتون كالعادة دون أن يتاح لهم الوقت ليندموا على شيء أو ليودعوا أيا كان..
دائما ما كنت أواسي حالي بقولهم “خذ من كل شيء نصفه كي لا تحزن حزنا كاملا عند فقدانه” فالقليل من السعادة، القليل من الضحك، قطعة من القمر وقش من الأحلام، قد تنفعك لتعيش في مقديشو، ثم ما أدراك ماذا سيقع بعدها ولأن تلك المدينة مليئة بالمفاجآت..أقصد المفاجآت غير الجميلة فعلا..كموت رفيقك في انفجار، أو اغتيال أحد أقاربك أو ما شابه.. ربما هذا القليل وتلك الأنصاف تساعدك كي لا تدخل رهانات خاسرة مع حياتك في تلك المدينة...
غنيت مع حليمة مغول لحظتها..كان مساءا ومطر مقديشو يملأ الشوارع بالماء الداكن، انتهت لي الدراسة وأردت شيئا يحملني إلى الله، أخاف أن أتعثر ببعض الحب كما أني أخاف كلما أتكلم مع “صادق” لكنني حقا أحببت هذه المغامرة، سأفكر ألف مرة قبل أن أقول أي شيء أو أسمع منه ما يقول..وذات مرة تحدثنا عن أشياء الحب وقصص العابرين:
- تعرف يا صادق أنا أسخر من كل قصص الحب..كما أني مؤمنة بأنه كل قصة حب لا تستحق في أيامنا كل هذه التضحيات! اتبعها بضحكة..
 - حدسي يقول غير ذلك! أنتِ خائفة من الحب! لكن عليك أن تبدئي من مكان ما في الصباح اتصلت على زينب:
"ألم أقل لك بأن ذوقي غريب ودائما ما يورطني بالأشخاص الغريبين، هذه المرة أعجبت بمجاهد"..ضحكنا طويلا وتبادلنا المشاكسات.
وذات مساء جميل كنا نستعد لحفلة عرس تقام في أحد فنادق المدينة.. في الوقت المحدد..بقليل من الكحل، وبالفستان الأزرق الذي اخترته بنفسي..دخلنا المكان ورأيت بعض الصديقات ومرحنا هناك..تأتينا أغنيات كأنها من الزمن الجميل أو كأن فرحا غامرا يحلق فوقنا، ثمة أرواح طيبة كانت برفقتي تلك المساءات… لا أنساها!!
ماذا تراني أفعل بكل تلك الصباحات عندما لا أتكلم طول الطريق؟
كلما أمر في هذا الشارع المتهالك، أو أنظر بعمق إلى المنازل..الواضحة عليها آثار الحروب..أقاوم رغبة جارحة في البكاء..وكأنني كنت أنظر إليها لتحكي روايتها كل صباح ولأنهار باكية بعدها ولكنني لا أفعل، فقط أواصل النظر إلى الطريق!

حتماً يا مقديشو تكونين تارة كابوسي المزعج وحلمي السعيد تارة أخرى، وبالأخير تكونين ذاكرتي وذاكرة النهار.. ثمة حكايات لم تنته منذ ذلك اللقاء القصير في حينا مع ذلك الفتى، في الواقع تحولت إلى قصة طويلة مملوءة بالمغامرات، مملوءة بالحكايات والقصص الصفراء التي لم تكتمل بعد!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق