الخميس، 11 ديسمبر 2014

عن الحب الذي لا يفني للأرض!!!


قالت:

- الأصدقاء يموتون دائماً في منتصف الطريق يخبروننا جراحاتنا وحكاياتنا الصغيرة التي خبأناها في مكان ما، لا أتحدث عنك، أثرثر عن الأصدقاء عندما كانوا ضياءً ينثرون أغاني الحياة حولنا.
رد بابتسامة:
- فهمتك، وأنا أتذكرك وككل الأشياء الجميلة لم أنسي وجهك البشوش وأيامنا القديمة، أخبرني بعد كل هذا الغياب ما لذي حدث بعدي؟
- لا تسألني عن الذي حدث بعدك، حقيبتي مملوءة بأسئلة دون أجوبة.
- وماذا عن مقديشو، عشتِ فيها أيام حرب طويلة ولم تخرجي منها، ماذا كرهتِ فيها؟
- لا تسألني أيضاً مالذي كرهت، قل ماذا أحببت في ظل هذه الحروب والدمار، نعم أحببت الكثير كان الدم يتدفق إلى قلبي بصورة مختلفة تماماً، وأحببت نفسي كثيراً وقبل أن أغفو كل ليلة كنت أقول "غدا أجمل ويحصل في الغد كثيراً من الأشياء الجميلة".
كان هذا حديثاً بين صديقين وكان المساء ساحراً بالنسبة لحليمة التي تحدثت مع صديق لها من أيام المدرسة ولم تلتق به منذ أمد ليس بالقصير.
هذا الصديق هرب إلى خارج الوطن عندما سقطت الحكومة ودخل البلاد حروب لا نهائية منذ عقدين وهاهو اليوم عاد ليزور موطنه ولم يكن يعرف كيف ينتمي ولا كيف يكون جزءاً من آخرين يحملون نفس ملامحه وروحه تباعدت عنهم لكن حليمة قررت أن تساعده وذهبت به في رحلة إلى المدينة الخضراء ليري الجمال هناك والمزارع والنهر الذهبي والسماء الزرقاء وكل مراسيمها الملونة التي لا تتبدل أبداً.


*******


بدأتْ الرحلة وبدأ هو يراقب الجميع من النافذة طول الطريق وحليمة تشرح له كل ما يسأل وتخبره أسماء القرى الصغيرة التي يمرون بها.
كان الترحيب حاراً عندما وصلا وأقرباء حليمة جهزوا كل شيء ولم يكن هناك ما يضاهي ضيافة في مكان كذاك...
في وقت قليل هاهو يصبح صديقاً مع الشباب هناك،كانوا برفقته إلى كل مكان… إلى تلك المزرعة والبئر وحتي القرى المجاورة.


*******

قد يكون الجو أكثر من رائع صباح ليلة ماطرة.. حليمة وصديقها ذهبا بعيداً ليمشيا أميالاً بين المزارع وبدأ هو الحديث:
- حقا شيء مدهش، لم أبق هنا سوي يومين والكل يعرفني في هذه القرية وأصبح صديقي أيضا، كأني كنت هنا منذ وقت طويل، حدثيني عن هذا المكان أكثر يا حليمة.....
- لا تندهش فأرضي مثل العناق الجميل يا عزيزي وكلما حاولتَ أن تبتعد كلما أصبحتْ قريباً وتسرق منك قلبك، أتعرف لمَ؟ لأن الحب هو أهم شيء فيها.
أترى غناء هذا الطير ربما يدعو أحدهم ليخبره رسالة محبوبته التي ستصل، وفي كل خطوة تولد قصة حب جديدة، لأن الحب هو أهم شيء فيها.
لمْ أخبرك أيضا أن لغة هذه الأرض تحوي أفضل المرادفات والألوان، ومناخها يغني الأخضر دائما، لمْ أخبرك عن سماءها الزرقاء، فصولها البهيجة، نهرها الذهبي، ومحيطها الأخضر، عن الشمس ووشاحها الأصفر وأزهارها التي تغطي الأرض الخجولة، عن الألوان في الوشاح،عن ألوان في التلال..
ألوانها الباهرة يخبرك أن الحب هو أهم شيء فيها.
- هذه الأمسيات مألوفة في مخيلتي كما هذه الأوقات من الصباح، هذا الربيع الدائم وغناء تلك الطيور الودودة والنهر الذي هناك، إنها كالأمور التي حدثتني عنه مذكرات أمي يا حليمة.


*******


في الليالي السمراء.. وفي كل ليلة حليمة وصديقها وشباب القرية يجتمعون في مكان ما يثرثرون بعدها، هذا الصديق كان يستمتع بالليل الصاخب هناك ، النابض بالحياة، كان بالنسبة له عالم مليء بالحكايات الجميلة والقصص الممتعة والمغامرات الغريبة.
أخبرته حليمة أن هذه الأرض تجعل الطرق المختلفة تلتقي مهما حاولت أن تكون منفصلاً، وسكان هذه الأرض ضحكاتهم.. علاقاتهم مليئة بالألوان وسعادتهم ملونة، ألوان الحب يجري هنا بعمق، وكل الألوان غنية بالنكهة، لأن الحب هو أهم شيء في هذه الأرض.


*******


استمتعا هناك أياماً وفي طريق عودتهما إلى المدينة بعد صمت نظر لها قليلاً وقال:
أتعرفين، منذ أن جئت هناك وأنا أعيش فرحاً يحلق بي فوق الغمام...
شكرا للرب الذي أوجد هذه العلاقات...
شكرا لكل الأرواح التي رافقتني هناك ....
وللأرض المليئة بألوان الحب ومنحتني الكثير من البسمات...
ولك... أنتِ يا حليمة، وأحبكِ لأنك رسمتِ إبتسامة على جدار القلب وعمق الروح.