الأحد، 4 مايو 2014

في الحب والحرب!


عندما نركض في أرضنا ونتعرف من الوجوه الكثير، نختار هذا أو ذاك ليكونوا رفقاء لنا في مسيرتنا، لكن أحيانا للقدر رأي آخر في إختيارنا ذاك
الساعة تشير إلى السابعة صباحاً والطلاب يستعدون للذهاب الى أماكنهم الدراسية، لكن ولسوء الحظ إنهم قليلون مقارنة بالشباب الذين لم يحظوا بفرصة للتعليم.. عموماً هؤلاء الطلاب يظهر منهم نشاط شريف وينتظرهم مستقبل واعد إن اجتهدوا أكثر وأكثر
كثيرون من عداهم كانوا يقضون أمسياتهم يدرسون علم القات والمخدرات وينامون في صباحاتهم..والأغرب من هذا كله أنهم يتفاخرون في تضييع وقتهم الثمين حين تسمع قول بعضهم “لم أرى نهاراً هذا الشهر كله
كانت حليمة
جالسة في فناء بيتها ولم تكن تعلم بأمر هؤلاء الشباب وما يدور حواليها في المدينة..حتى أنها لم تكن تعلم أين كانت جالسة
كان ذلك الصباح باردا وجافا كقلبها..ممطرا كعينيها التي لم تتوقف عن البكاء منذ أن وقع حبيبها محمد في مصيبة..ودخل السجن بعدما اتهموه بأنه من الجماعات الارهابية مع أنه لم يكن كذلك، ولكن في تلك المدينة من أجل الشك يسجن المرء وربما يقتل ويفعل به كل شيء
كانت تعتقد بأن من سجن حبيبها هو الآن يستريح في حديقته الخاصة بعدما أكل اموال الشعب وظلم الكثيرين، وكان لسان حالها يقول:
يا لسخافة هذا الحاكم! بداية يحلف بكذب، وعندما وصل إلى الكرسي يتحول مباشرة ليلعب مع بطنه الكبيرة، لو انشقت بطنه لعمل بإخلاص لشعبه
حليمة جعلت رجليها فوق بعض.. وبدأت ترمي بأحجار صغيرة في مياه أمامها
كان لباسها متسخا بعض الشيء وجمالها في واد وهي في آخر
كانت تبحث عن حبيبها في السجون ومراكز الشرطة..ولكن الحظ لم يساعدها ولم تنجح بأن تراه أو تسمع منه خبراً
استولى عليها اليأس فدفنت رأسها بين يديها،،
ظنها الجميع بأنها خرجت من الدنيا ولكنها لم تخرج منها تماماً..أو كأنه قٌطع لها تذكرة سفر إلى الآخرة وتكون هي أول الراحلين، والحقيقة أن كل شخص مقطوعة له هذه التذكرة وسيرحل عاجلاً أم آجلاً، ويحاسب على حسب عمله..خيرا أو شرا.
لم ينتصف الليل بعد وقد حملت الشوارع ظلمة الشتاء..استفاقت حليمة على صوت المطر والرياح الهوجاء خارجاً، تركت فراشها واقتربت من النافدة، كان وجه حبيبها يتزاحم خلف زجاجها في المطر..كما رحلت بعيدا إلى الماضي وذكرياتها السوداء كانت تغلف ذهنها كغمامة قاتمة..تمنت لو أنها تموت
فبعد سقوط الدولة..بدأت حروب لم نحقق منها أي هدف على الإطلاق..وكانت عائلتها من آلاف العائلات التي جرت لها المصائب من وراء هذه الحروب، حيث ماتت أمها وبعضا من إخوتها، كان ذلك كابوسا من أسوأ كوابيسها..يراودها مستحضرة صوت ذلك الرصاص ولحظات القلق في ذلك الوقت
كانت تفكر أكثر مما تتكلم، كانت تفكر بصوت عال وكأنها تناجي الليل، وتدرك أنه لم يعد ثمة وقت للتأمل في الليل فكل الوقت ليليا ليل! استيقط من النوم الطويل، اكشف غطاء السواد والعجز، لا تنظر خلفك بل إلى أمامك، استنشق هواء التقدم والتطور، قارن بين وطنك وبين العالم، بدون جدال أخاف أن العالم سيذهب إلى القمر وتبقي لوحدك في كوكب الأرض
يا ليل بلغ حبيبي أني لم أذق طعم النوم..ودخلت حياتي ظلمة منذ أن دخل السجن
بلغه أن قلبي وصلواتي معه وأتمني أن القدر لم يقل كلمته الأخيرة بعد ليفرقنا..وأن هناك ثمة حياة أخرى سنعيشها معا
بلغه أن هؤلاء المجرمين لم يظلموه فقط بل الجميع..وإن أفلتوا من عدالة القانون فعدالة السماء ستكون لهم بالمرصاد، ومتأكدة من شيء واحد أنهم زائلون لا محالة ويبقى الحب والوطن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق