الخميس، 25 يونيو 2015

رمضان!!!




لماذا الخوف ، و الشمس لا تظلم في ناحية إلا و تضيء في ناحية أخرى؟
نورمان كازنس

منذ أن كنت أعيش في مقديشو وإلى الآن أردد على نفسي "الغذ أفضل ويحصل في الغد الكثير من الأشياء الجميلة" لقد شكلت هذه الكلمات الطريقة التي أرى بها بزوغ الفجر وأبدأ يوم جديد في كل صباح.
رمضان شهر الخير والرحمة والغفران.. يهنئ الجميع لبعضهم  ويتمنون أن يبارك لهم الله هذا الشهر ويعطيهم الأمن.

في الإفطار تلتف العائلة حول مائدة أعددناها بإتقان وبعدما أنهي أعمالي المنزلية أستعد لأذهب صلاة التراويح مع فتيات الحي.



هذا الصباح قبل أن أخرج من البيت كنت جالسة أتحدث مع الماما وسمعنا إنفجاراً قوياً ونظرنا إلى بعضنا وبادرت هي تدعو الله أن يحفظنا...
خرجت نحو محطة الباصات إنتظرت هناك قليلاً وبعد أن وصل ركبت المقعد الأمامي وبعد صمت سمعت حديث رجلين:
- هل سمعت الإنفجار اليوم؟!
- نعم كان قوياً لدرجة يسبب الصمم في أذنيك.
-آآآه.. يرى البعض أن الصمم في هذه المدينة نعمة، لأنك حينها لن تستطيع أن تسمع رصاصاً أو إنفجاراً.
- أين وقع الإنفجار، هل هناك إصابات؟
- إن كنت حي فأمشي في طريقك دون سؤال.
- حسنا لن أسأل، لكن الغريب في رمضان أن هناك من يعتبر الإنفجارت مباركة، ويريد أن يتقرب بها إلى الله بمناسبة الشهر الفضيل.
- يا لهذه الإنفجارات المباركة، إن هذه المدينة يمكن أن تقضي عليك في أي وقت.


كنت أقول سراً أن البعض يعتقد أنها يمكن أن تقضي عليك في أي وقت لكن بالنسبة لي لا زلت أقدر لحظات الأمل التي تنتابني كل يوم وأنا أعيش فيها، هذا الأمل هو الذي يبقيني على قيد الحياة ويعطيني القوة لأكافح ضد الأيام السيئة المتشابهة، مقديشو هي من المصابيح القليلة التي لا تزال تنير طريقي.




السبت، 20 يونيو 2015

شهراويللو!!






الحرب لا تحدد من هو صاحب الحق، وإنما تحدد من تبقى!!
بيرتراند راسل


عندما كانت طفلة لم تكن تعرف عن الحروب شيئا وكل ما كانت تسمعه هي شعارات عن السلام والسعادة مثل سنجد السلام سنسمع الملائكة سنري السماء تتلألأ بالجواهر.

كانت تحب أن تذهب كل يوم في وقت المساء إلى الشاطئ الذي تسكن بجواره وهي تمشي بخطوات بطيئة إلي أن تستقر رجلاها الصغيرتان بمياه الأمواج التي تنكسر رويداً على الشاطئ ثم تبدأ باللعب على رماله البيضاء.
قبل أن تبدأ الحروب بشدة كانت تسمع طلقات الرصاص وترى أولى تباشير الفوضي التي بدأت في مقديشو وكان أبوها  يقول لها أن الحرب تبدأ من التمرد والتمرد يبدأ عندما تصبح رغبات العديد موجهة عبر أفعال شخص واحد حتي يسحقوا وجوده، الحرب هي عندما يصبح منظر الغروب لا يذكرك سوى بالدماء، الحرب هي عندما يصبح الجمال بشعاً والعكس، هي اللاقانون والفوضي وهي العيش بقانون الغاب .

كانت عائلتها من آلاف العائلات التي جرت لها المصائب من وراء هذه الحروب، حيث قتل أبوها وأصبح ذلك كابوسا من أسوأ كوابيسها..يراودها مستحضرة صوت تلك الرصاصة ولحظات القلق في ذلك الوقت وهي تردد " الحرب لا تحدد من هو صاحب الحق، وإنما تحدد من تبقى".

الاثنين، 16 فبراير 2015

صباح مقديشو



البارحة ومن نومي أيقطني صوت جبار، نهضت عن السرير بعيون نصف نائمة وفتحت 

النافذة، رأيت تجمعاً كبيراً لأهالي الحي وأمي أيضا جالسة هناك معهم خرجت مسرعة 

لأري الحدث السبب أن بنت جارتنا الصغيرة/الجميلة ضاعت ولم تعد للبيت منذ وقت 

والكل كان يواسي الأم ويساعدها حتي لاقوها.. 


علمتُ حينها أن المأساة تُطهر أفضل ما في المرء كما تُطهر أسوأ ما عنده، أخيراً تفرق 

الجميع وعم السكون خارجاً وأختفت الحركة لكن أصواتهم لا تخفت أبداً في ذاكرتي. 



في الصباح لم أستطع أن أصحو باكراً كالعادة، ركضت إلى الباص ممسكة يداً بحقيبتي 

الكبيرة وفي يدي اليسري الهاتف أخبر السائق أني إقتربتُ جداً إلى المحطة كي 

ينتظرني، ركبتُ المقعد الأول ومر أكثر من عام وأنا أجلس المكان نفسه وأنظر إلى 

مقديشو المدينة وكأنها جديدة عليّ كل حين، أنظر إلى شوارعها المزدحمة بالمرور 

صباحاً ووقت المساء.. أنظر إلى البقالات جانب الطرق وإلى حركة الناس أحياناً.. ألتقط 

لها بعض الصور كهذا الصباح مثلاً..

فجأة إنتبهت بصوت قوي لأحد الركاب كان يتحدث عن السياسة ويتجادل مع آخرين 

نسيتُ أن أخبركم بأن هذا يحدث كل صباح، الطريف أن لغتي في السياسة إزدادت ثراء 

هذه الأيام تعلمت ألفاطاً جديدة وسمعت قصصاً غريبة، تردَدت في مسامعي كلمة 

"موشن" مثلا، وخلاف الرئيس ورئيس الوزراء وقبول البرلمان للوزراء الجدد من 

أشهر القصص التي تروي في الباص، أحياناً أشعر أنهم سيتقاتلون حقاً إن لم يصل ا

لباص مكان العمل لوقت أقرب وحيناً أخري أقول لبيني وبيني بأنه سينتهي هذا الكابوس 

يوماً لامحالة.

في المساء أعود بقليلٍ من الأمل وقليلٍ من النور أغني أناشيد الحب في لحظتها بينما 

يبتسم لي القمر من بعيد، أنتظر صوت ذاك الرفيق الجميل ذا الوجه البشوش.