الأحد، 4 مايو 2014

صديقي المجاهد 2



-         ألو مرحبا. أنا صادق.. هل عرفتيني؟
 -  نعم صادق، إشتقت لحديثك هذه المساءات..أخبرني إين اختفيت؟
 -  ممممم سأخبرك أمرا مهما، أنا انضمممت لحركة الشباب وأجاهد في سبيل الله.
أختي أنا حاليا خارج المدينة، أدعوك أن تنضمي إلينا، والتدريب يشمل إيضا تدريب للفتيات المجاهدات!
 - كلا، لا أصدقك.. قل هذه مزحة أو أي شيء آخر
 - هذه هي الحقيقة أختي.

سكرت الهاتف وصوته لا يخفت أبدا من ذاكرتي، لم أستطع أن أرفض الإنضمام بوضوح، ولاحقا أقنعته بأني لا أستطيع وفي الأخر وافق!
بعد وقت من ذاك الإتصال وقعت حادثة فندق شامو
الإنفجار الذي أودى بحياة العديد من المتخرجين من قسم الطب في جامعة بنادر.. كان صدمة كبيرة بالنسبة لكل الطلاب في العاصمة، وللجميع أيضا.
حليمة.. صديقتي مات أبوها في ذالك الإنفجار، كان أيضا مديري في المدرسة الإبتدائية
في أحد الصباحات دخل فصلنا حين غياب مدرس اللغة العربية، أتذكر جيدا ابتساماته الجميلة عندما كان يحكي لنا حكاية الذئب والغنم..
أن يموت شخص قريب منك لا يعني أن تبكي له أو تحزن من أجله بعض الوقت، هو أن نشعر أشياءا أخرى أكثر إيلاما، أن نحمله في ذاكرتنا لوقت طويل بل وطول العمر، أن ترتجف ذاكرتنا وأن نسأل ألف سؤال، لنقنع أنفسنا بأن لا أحد يدري لماذا يأتي الموت في هذا المكان دون غيره؟ لماذا يأخذ هذا الشخص بالذات دون سواه بهذه الطريقة لا بأخرى؟ وأن لا أحد عاد من الموت ليخبرنا لوجه الله ما ذا بعد الموت!
الإثنين صباحا باكرا، يتصل صادق بعد سلام وحديث قصير، أخبرني أن إحدى رجليه بترت في معركة خاضها في محافطة خارج مقديشو، تأسفت عليه وعلى شبابنا الذين يضيعون وقتهم بأمور لا يفقهونها. وكلما حاولت أن أشرح له الأمر لا يفهمني ولا حتى يحاول أن يفهم، يزداد عنادا، ويخبرني أنه لا لغة يفهمها غير لغة الجهاد حتى زوال المرتدين.
قال لي يوما:
 ” لا تتجولي كثيرا في المدينة، لأن الجو مشحون هذه الأيام ولا أريدك أن يصيبك مكروه"
أجبته: "كفى بربك اهتماما يا صادق، وماذا عن الباقيين البريئين مثلي؟ ألا تخاف عليهم"
لم يجبني!
في بعض الأحيان أشعر بأني سأموت قريبا، ولا عجب، فنحن في مدينة ريما نموت بإنفجار ما.. بجرح ما.. بهزيمة ما.. بخيبة ما.. بطعنة ما.. نحن في موطن يحمل أوهاما خاوية وبضع أجساد تتحرك بصعوبة.. وسوء أمن.. وتعويذة من الإنفجارات..
من منا يا ترى سيبقى ليضحك على ما كان يبكينا؟
من منا سيكون موجودا حين يتعافى الوطن من العاهات؟
ومن منا سيرى في الوطن الرجال رجالا.. الذين يتصفون بالأنفة ونبل الخلق والإخلاص لموطنهم والوحدة والإستعداد للذود عن شرف العمر حتى آخر العمر..؟
تلك جمائل لعمري ما رأيتها بعد، بل إن مجرد الحديث عن تلك الأشياء الجميلة يدفع البعض للإبتسام.. في الغد هل ينتظرنا كل هذا الجمال؟ الكل يسأل

وللقصة بقية..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق