الأربعاء، 15 أكتوبر 2014

إحتفال أم إختناق...!!!!



الآن الساعة التاسعة ليلاً وعدد من الجنود يفتشون المنازل وهم حاملين البنادق، لا أستريح لرؤية تلك الآلة لكن كأنها تقول لي ليس ببالي بل لست على إستعداد أن أختفي من حياتك لوقت طويل، أريحي نفسك.. يا إله السماواات.
دعوني أبدأ هذه الدراما من البداية وأرجع قليلاً إلى الوراء..
 هذا المساء خرجت الخامسة من العمل، كالعادة الباص يمر في الشارع وعند قربنا من الحي تفاجأنا بجنود متفرقين ، قلت لنفسي بأن خطأً ما هنا اليوم لكن لم أعرف، الطريف أني تفاجأت أيضا بتنصيب العلَم الصومالي بجانب الطريق وأيضا كل المحلات والدكاكين والبقالات هناك.
أحدهم في الباص علق قائلاً
- اليوم هنا إحتفال.
جاوبته:
- نعم أستطيع أن أرى ذلك إذ لا تنقصنا الأعلام والجنود لكن ما المناسبة؟
- إنه 12 من أكتوبر بمناسبة تنصيب العلم الصومالي لأول مرة،
 تنفست بعمق وقلت بصوت مسموع
"أعلم في السابق أنهم إحتفلوا بشكل يليق بك يا وطن، ومتأسفة  الآن فلم نعد نحفط أيامك المجيدة".


مكان الإنفجار

وصلت المنزل بسلام، وفي الليل سمعنا عدة أنفجارات قريبة وأخرى بعيدة.. منهم من سبب خسائر  كبيرة في الأرواح.
 فتحت أنا الباب لأنظر مالذي يجري، الرجال الذين خرجوا من المسجد وكل من يمشي في الطريق يسرع في المشي ويذهب إلى بيته إلا إمرأة هناك كالعادة تبيع الحليب أمام بيتنا، تقول بصوت حنون
 " لا استطيع أن أترك هنا سأبيع ولن يحصل لي إلا ما قدره الله".
أخي يأتي من المسجد ويوبخني لأني فتحت الباب وواقفة خارجاً..
قبل أن ندخل كانت المفاجأة الكبرى لهذه الليلة أن وصل عدد من الجنود وبدأو بتفتيش البيوت علّ أحداً من حركة الشباب الذي هجمهم بإنفجار فر داخل الحيّ..
هاهم ثلاثة تمشي نحونا وآخرون يتجهون لبيوت الجيران، أخرجوا جميع الشباب وبدأو بالتهديد.. ليس فقط هكذا بل أطلقوا النيران بطريقة عشوائية..
بدأت أختنق برائحة البارود، خفت حينها وطننت أنهم يقتلون أحداً ما بالتأكيد...
بعض الأمهات كنّ يصرخن بالجنود ويؤكدن براءة أبنائهن من تهمة الإنفجار، أما أمي فكانت تدعو الله بشدة وتقول لي إقرأ القرءان وخاصة سورة "يس".
بعد ساعات عشناها بفزع ذهبوا وحينها شعر الجميع كأن حجراً ما وثقيلاً أزيح من صدورهم.
المضحك أني كنت أسمع أغاني وموسيقي بصوت عال، إذن الآن بدأت الحفلة بيوم العلَم في فندق قريب منا، الرئيس أيضا موجود...
جلست في الفناء والقمر طهر ومنحني أبتسامة حلوة، في الواقع كان الشيء الجميل الوحيد هذه الليلة.
الجو هادئ جداً إلا من صوت الأغاني والخطب التي تلقي في الحفلة، وأيضا الهتافات:
 يحيا الرئيس، يحيا العلم ويحيا الوطن.

بالنسبة لي كان الأمر مزعجاً بحق ولم أتمني أن تأتي هذه الليلة كي لا أعيش كل هذا الخوف.
الآن يتحدثون عن تاريخ الصومال وكيف رحل الإستعمار، يتحثون عن مجد الأجداد...
الجميع يردد أغنية العلم..
Qolobaa calankeed,
waa ceynoo,
Innaga keenu waa,
Cirkoo kale ee,
Oon caadna lahayn,
Ee caashaqaye.
والتي تكون بالترحمة العربية
"لكل أمة لها علم، وعلم أمتي مثل الأزرق السماوي التي لا سحاب فيها، وأنا أعشقه"
******
يا لها من دعابة، بدأتُ أنا أيضا بترديد النشيد معهم وبالأخير ذهبتُ إلى السرير.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق